مقالات

البروتوكولات الطبية حبر على ورق… والمريض يدفع الثمن.. 

بقلم / د.. صباح الحكيم 

 

 

 

 

أُغرقت الساحة الصحية بسيلٍ من البرتكولات “الحديثة”، والتي أُعلن عنها في مؤتمراتٍ وتصريحاتٍ وبيانات صحفية، تحت مسمى “تطوير المنظومة الصحية” و”تحديث آليات العلاج”. ولكن عندما ننزل من أبراج الأوراق الرسمية إلى أرض الواقع، نطرح السؤال الأهم: كم عدد هذه البرتكولات؟ وماذا جَنَى المواطن منها، خاصةً المريض محدود الدخل؟

 

عشرات البرتكولات تم الإعلان عنها في القطاع الطبي في مختلف التخصصات. بل هناك سباق بين وزارة الصحه وهئيه الرعاية الصحيه والتأمين الطبي الشامل وهئية الدواء في عمل البروتوكولات.. ولكن، ما الجدوى من كثرة البرتكولات إذا كانت مستشفيات عديدة لا تملك الحد الأدنى من الإمكانيات لتطبيقها؟ وللأسف مازلنا

 

نُتابع أخبار توقيع شراكات مع كبرى الشركات الطبية العالمية، ونسمع عن ضخ استثمارات بالمليارات في القطاع الصحي. وخصوصا دولة الإمارات. ولكن حين يذهب المواطن إلى مستشفى حكومي، يصطدم بالواقع: نقص في الأدوية، عجز في الطواقم، قوائم انتظار طويلة، وأحيانًا لا يجد سريرًا في العناية المركزة.

 

في الوقت الذي تتزايد فيه معاناة المواطن المصري من نقص الخدمات الصحية، وغياب الرعاية الأساسية، وتكدس المستشفيات، وندرة الحضّانات وأَسِرّة العناية المركزة، تظهر على الساحة مشاهد متكررة لبروتوكولات تعاون تُوقع مع شركات أجنبية وشركات دواء عالمية، تحت شعارات “التطوير” و”نقل التكنولوجيا” و”تحسين جودة الخدمة”. لكن الواقع المؤلم يكشف أن المواطن هو من يتحمل وحده كُلفة هذه البروتوكولات… دون أن يجني ثمارها.

 

المريض المصري أصبح يدفع “فاتورة التعاون”، بدلاً من أن يكون المستفيد الأول منه. الأدوية التي تدخل الأسواق بموجب تلك الاتفاقات تُطرح بأسعار مرتفعة لا تتناسب مع دخول أغلب المرضى، وغالبًا لا تُدرج ضمن مظلة الدعم. في المقابل، لا يلمس المواطن تحسنًا حقيقيًا في مستوى الرعاية، ولا في عدد الأَسِرّة المتاحة، ولا حتى في الحد الأدنى من سرعة تلقي الخدمة.

 

ورغم كثرة الحديث عن تطوير المنظومة الصحية، إلا أن الصور الرسمية للمؤتمرات والاستقبالات والتوقيعات، لا تعكس سوى مشهد واحد: مزيد من الاستثمارات الشكلية، دون أولوية واضحة لحاجة المواطن الفعلية.

 

الميزانيات تُوجَّه لتجهيزات مكتبية وانتقالات فارهة ومراسم بروتوكولية، بينما قطاع الطوارئ يعاني، والطبيب لا يجد جهازًا يعمل بكفاءة، والمريض يتنقل بين المستشفيات بحثًا عن حضّانة لطفل حديث الولادة أو عن سرير رعاية لمريض في حالة حرجة.

 

وما يُثير الغضب أن البروتوكولات يُروَّج لها على أنها إنجازات، بينما المواطن لا يجد حتى سريرًا في مستشفى حكومي، ولا دواءً بسعر مناسب، ولا ممرضة تكفي عدد المرضى.

فأين العائد من تلك الشراكات؟ ومن المستفيد الحقيقي منها؟

 

إذا كنا نطمح لتطوير القطاع الطبي، فالخطوة الأولى يجب أن تكون بتوجيه الموارد لصالح البنية التحتية الصحية، والتوسع في وحدات الرعاية، وسد العجز في الأطباء والتمريض، ودعم الدواء المحلي، لا بتوقيع اتفاقيات لا تنعكس على الخدمة المباشرة للمواطن.

 

الحق يُقال: المواطن المصري لم يعُد يثق في الشعارات، بل يريد أن يرى رعاية حقيقية، وسريرًا شاغرًا، ودواءً متوفرًا، وطبيبًا لا يعمل وسط العجز والضغط والإرهاق.

 

فالمريض ليس شريكًا في الأرباح، لكنه يدفع وحده ثمن السياسات. وإن لم يكن هو الأولوية… فكل ما عدا ذلك بلا قيمة.

 

والسؤال الذي يطرح نفسة :

 

هل الاستثمار موجه لتحسين البنية التحتية العامة، أم أنه يذهب في اتجاهات لا تمس المواطن مباشرة. والغريب هنا أن

 

المريض لا يقرأ البرتكولات، بل يشعر بنتائجها. إن وُجد الدواء، شعر بها. إن وجد طبيبًا يُعامله بإنسانية، شعر بها. إن دخل إلى مستشفى نظيف ومجهز، شعر بها.

 

فأين تلك البرتكولات من المواطن البسيط الذي لا يملك ثمن كشف خاص، ولا قوة لمواجهة البيروقراطية الطبية؟

 

ليست هذه الكلمات هجومًا على أحد، لكنها صرخة نيابة عن كل مواطن ينتظر العلاج، وكل طبيب يعمل في ظروف لا تُطاق. نحن لا نطلب معجزات، بل نطالب بأن يكون لكل برتكول منشور ما يُقابله من خطوات تنفيذ حقيقية، وأن يكون الاستثمار في الصحة موجّهًا لتحسين حياة المريض، لا مجرد إنجاز يُذكر في التقارير.

 

فلنجعل من كل برتكول خطوة نحو الشفاء، لا مجرد بند يُضاف إلى ملفات الوزارة.

 

يوميا ننشر عقد برتكول.. يوميا نرى آلام المريض وصرخة الاب والام والابن… يوميا قرارات على نفقة الدولة ويشيل معها المريض من اشعه وتحاليل وادوية تجعلة يبع ما ورءاه وما يملك لتكملة العلاج.. وكل مسؤل مشغول بعقد برتكول وكأنها مسابقة لمن يعقد برتكول أكثر….

 

رفقا بالمريض المصري.. رفقا بالمريض الفقير والغنى أيضا… المنظومة الطبية محتاجه واقفة.. بل محتاجة هزة قوية.. نحن نحدر عن الاول.. اين التطوير؟. اين الإنجازات التي يستفيد منها المريض؟. ولماذا الاستثمار في صحة البشر؟. لماذا البروتوكولات. طالما المريض مازال يعاني… لماذا الاستثمار في القطاع الطبي. طالما المريض يشكو وأهل المريض يلف بعربية الإسعاف لكي يحصل المريض على سرير او حتى رعايه.. او ميعاد لأخذ الكيماوي.. او او او….

 

كفانا بروتوكولات… كفايه المريض المصري محتاج من يحنو على كتفة.. المريض محتاج رحمه وليس برتكول…!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى